لنفترض أنك كنت تقود سيارتك في حدود السرعة المسموح بها. ورأيت طفلَا يركض عبر الطريق. وكنت تعلم أنك ستصدم به لا محالة… حتى وأن ضغط على الفرامل بكل ما أوتيت من قوة. فالطريقة الوحيدة لإنقاذ هذا الطفل هي أن تحرك سيارتك إلى اليسار أو اليمين… ولكن للأسف، هناك عشرات المارة على جانبي الطريق. فمن المؤكد أنك ستصطدم بهم إذا انعطفت عن مسارك.
والآن، ماذا كنت ستفعل في مثل هذه الحالة؟ هل ستقتل الطفل؟ أم العشرات من المارة؟ أم ستضحي بنفسك، اذا كان الأمر ممكنًا؟
لا شك أن هذه المعضلة معقدة بالفعل، فمن الصعب على البشر حلها بالشكل الصحيح. فما بالك إذا واجهت السيارات ذاتية القيادة هذه المعضلة؟
هذا هو الأمر الذي يدفعنا إلى طرح السؤال الآتي: ما هي قواعد سلوك السيارات ذاتية القيادة في مثل هذه الحالات؟ فماذا ستفعل تلك الآلات؟ هل ستنقذ الطفل والمارة وتضحي بحياة الركاب؟
اختبار أخلاقيات السيارات الذكية
شهد عام 2022 ما يقرب من 35,766 حادث مروري في الولايات المتحدة. وراح ضحية تلك الحوادث أكثر من 38,824 شخص. وفي معظم تلك الحوادث، كان الخطأ البشري السبب الرئيسي. ولا شك أن استخدام السيارات ذاتية القيادة سيمنع العديد من تلك الحوادث والأخطاء.
ومع ذلك، قد أشارات بعض الدراسات إلى إمكانية وقوع الحوادث المرورية حتى مع المركبات الذاتية. وحسب دراسة منهم، فإن 99% من حوادث السيارات ذاتية القيادة كانت بسبب خطأ بشري. ولكن، إذا نظرنا إلى التقارير بدقة، سنجد أن من يتسبب في الحوادث هم سائقي السيارات الأخرى أو أحد المارة. مقارنة بحالتين فقط كان فيهما نظام السيارة ذاتية القيادة على خطأ في الحادث.
لذلك، يمكننا الاستنتاج أن السيارات ذاتية القيادة أكثر موثوقية من نظيراتها اليدوية. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المعضلات التي تواجهها السيارات ذاتية القيادة اليوم، مما يثير التساؤل حول أخلاقيات تلك السيارات الذكية، ويجعلنا نتساءل عما إذا كنا مستعدين حقًا لمستقبل بدون سائقين بشريين. فدعونا الآن نلقي نظرة عن كثب…
خمس معضلات أخلاقية تواجه السيارات ذاتية القيادة اليوم
المعضلات الأخلاقية للسيارات ذاتية القيادة ليست بالأمر الجديد. فمنذ ظهورها، كانت أخلاقيات السيارات ذاتية القيادة موضوعًا ساخنًا يتناقش فيه الجميع. وفيما يلي نظرة على خمس معضلات أخلاقية لا تزال السيارات ذاتية القيادة تواجهها اليوم.
1. القرارات المبرمجة تتغلب على القرارات العشوائية في جميع الحالات
السيارات ذاتية القيادة هي في الأساس روبوتات تمت برمجتها باستخدام الخوارزميات. لذلك، من المرجح أن يتبعوا القواعد أو الأنماط المحددة في جميع الحالات. ومع ذلك، قد لا يكون هذا الحل الأسلم في جميع المواقف. فقد يرى البعض أن الحوادث العشوائية التي يسببها البشر لها ما يبررها، على غرار اتخاذ قرار مسبق بقتل إنسان أو حيوان (في حالة السيارات الذكية).
وبالتالي، في مثل هذه الحالات، من هو المسؤول عن الحادث وعن الوفيات؟ هل هي الشركة المصنعة للسيارة؟ هل هو مبرمج الخوارزميات؟ أم أنها السيارة نفسها؟
فلا توجد إجابة واضحة وصريحة على هذا السؤال. وبالتالي، يشعر معظم الناس أن الحوادث يجب أن تقع بشكل طبيعي، بدلًا من ترك الروبوت ليقرر من يعيش ومن يموت.
2. إعطاء السيطرة للسائق
تتطلب سيارات تسلا أن تبقي يديك على المقود وأن تكون منتبهًا للطريق دائمًا، حتى عندما تكون السيارة في وضع الطيران الآلي التام. فعلى السائق أن يكون مستعدًا لتولي المسؤولية في أي لحظة.
ولكن، حتى في مثل هذه الحالات، وفي حالة وقوع حادث ما… من هو المسؤول عن الخسائر في الأرواح والممتلكات؟ هل السيارة الآلية هي التي أدت إلى وقوع الحادث؟ أم أنه السائق الذي لم يستطع اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؟ أم أنه سائق السيارة الأخرى المتهور؟
وبالتالي، فإن إحدى أكبر معضلات السيارات ذاتية القيادة هي ما إذا كان من الصواب تسليم السيطرة إلى السائق في اللحظة الأخيرة. هذا لن يثير التساؤلات حول أخلاقيات السيارات فحسب، بل أنه سيجعلنا نتساءل أيضًا حول أخلاقيات السائق نفسه.
3. من له الحق في برمجة قرارات السيارات الذكية؟
بشكل عام، يحدد المهندسون الذين يعملون على تكنولوجيا السيارة أخلاقياتها وقواعد سلوكها. وما يرونه صحيحًا أو خاطئًا يحدد كيف ستتصرف السيارة في مواقف معينة مثل الحوادث.
لكن الناس يتجادلون حول هوية الشخص أو المنظمة المناسبة لتقرير أخلاقيات السيارات ذاتية القيادة. هل هم المهندسين الذين عملوا على تطوير تكنولوجيا السيارات؟ أم هي حكومة البلد الذي سيتم فيه قيادة السيارة؟
ويمكننا القول أنه ليس هناك شخص مناسب لتقرير أخلاقيات حالات القيادة الذاتية. فيجب أن يكون القرار في يد سائق السيارة.
4. برمجة السيارات لاتخاذ قرار محايد
يرى البعض أن أفضل طريقة لبرمجة السيارات ذاتية القيادة هي أن نجعلها تتخذ قرار محايد في حالة وقوع أي حادث. فيجب ألا تميز بين البشر على أساس العمر أو الجنس أو أي معايير أخرى. وعليها دائمًا أن تتخذ القرار الذي سيتسبب في أقل الأضرار.
على سبيل المثال، إذا كان على السيارة أن تقرر بين إنقاذ طفل أو مجموعة من الأشخاص الكبار في السن، فيجب أن تنقذ المجموعة، لأن هذا هو القرار الذي سينقذ المزيد من الأرواح. علاوة على ذلك، يجب إعطاء حياة الإنسان الأولوية على حياة الحيوانات. ومن الجدير بالذكر أن ألمانيا أصبحت أول دولة تتبنى هذه القواعد فيما يتعلق بالسيارات ذاتية القيادة. فقد أعطت الأولوية لحياة البشر قبل كل العوامل الأخرى.
5. معضلة القرصنة
لن نتخلص أبدًا من احتمالية اختراق مجرم الكتروني لنظام السيارة لينفذ جريمة ما.
فمثلا، ماذا لو تم اختراق السيارة المستقلة من قبل مجرمي الإنترنت وأمروها بتنفيذ حادث لتوريط السائق أو الركاب؟ ففي مثل هذه الحالات، من هو المسؤول عن الحادث والخسائر في الأرواح؟
هل هو المجرم الإلكتروني؟ أم هي الشركة المصنعة للسيارة التي لم تتمكن من تأمين السيارة ضد مثل هذه الهجمات؟
وبسبب هذه المخاطر المتزايدة والإجابات غير الواضحة، قد تشكل السيارات ذاتية القيادة – بشكل عام – خطرًا أخلاقيًا على المجتمع.
خلاصة القول
لطالما كانت أخلاقيات السيارات ذاتية القيادة محط نقاش الجميع. وقد دافع البعض عنها، بينما هاجمها البعض بشراسة. ولا توجد إجابات واضحة حتى الآن حول كيفية حل المعضلات الأخلاقية التي تواجهها السيارات ذاتية القيادة.
ومع اشتداد النقاش حول الموضوع، نأمل أن يتم تطوير قوانين ولوائح صارمة يمكنها أخيرًا الإجابة على الأسئلة المطروحة بطريقة صحيحة ومبررة.
ماذا عنك؟ هل أنت مع أم ضد السيارات ذاتية القيادة، ولم؟
شكرًا لقراءتكم هذا الخبر على نيو نيوز سيارتك.. وندعوكم لمشاركته مع أصدقائكم ومشاركتنا آرائكم في التعليقات!
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية