تشتري بكين الذهب لتنويع صناديق احتياطاتها وتقليل اعتمادها على الدولار الأميركي، والذي يُعتبر منذ فترة طويلة العملة الأهم للاحتفاظ بها كاحتياطي. وبالرغم من ارتفاع سعر الذهب منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأكرانيا في فبراير 2022 إلى أعلى من 2,400 دولار أميركي للأونصة، إلا أن المستهلكين في الصين أقبلوا بصورة غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة على اكتناز المعدن النفيس سواء في صورة سبائك أو عملات أو حبات الذهب الصغيرة.
ويعكس ذلك تراجع ثقة الشعب الصيني في الاستثمارات التقليدية مثل العقارات أو الأسهم، وبخاصة أن الذهب يعتبر عادة استثمارًا آمنًا مقارنة بغيره من الأوعية الاستثمارية خلال فترات الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية.
نيو نيوز - بزنس
الصين تسجل أرقامًا قياسية في شراء الذهب
وفقًا لاتحاد الذهب الصيني، فقد سجلت الصين ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات شراء الذهب في البلاد بنسبة 6 بالمئة في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالعام السابق، وجاء هذا الارتفاع بعد زيادة بنسبة 9 بالمئة في العام الماضي.
وأظهرت بيانات رسمية أن حيازة الصين من الذهب قد بلغت 72.80 مليون أونصة (حوالي 2,264 طن) في نهاية أبريل، مما ساهم في ارتفاع احتياطي الصين من الذهب من 161.07 مليار دولار إلى 167.96 مليار دولار.
المستهلكون في الصين بدأوا يفضلون الاستثمار في الذهب عوضا عن العقارات والأسهم بسبب فقدان ثقتهم بها. وفي الوقت نفسه، يواصل البنك المركزي الصيني زيادة احتياطاته من الذهب، حيث أشارت بعض التقارير إلى استمرار البنك في القيام بعمليات شراء الذهب على مدار ثمانية عشر شهرًا على نحو مستمر خلال الفترة الماضية.
وبحسب خبراء، فإن عمليات الشراء المتواصلة من قبل البنك المركزي الصيني ما هي إلا وسيلة للتحرر تدريجيًا من حيازته لسندات الخزانة الأميركية.
وبالرغم من استمرار ارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار الأميركي – وهي من العوامل الرئيسية التي جعلت من الذهب استثمارًا تقليديًا أقل جاذبية – إلا أن الصين ظلت تتمتع بالفعل بنفوذ واضح في أسواق الذهب، حيث استمر نفوذها في الصعود أكثر وأكثر، حتى بلغت مستويات قياسية خلال الفترة الأخيرة التي شهدت ارتفاع السعر العالمي بنسبة تقارب 50 بالمئة منذ أواخر عام 2022.
الصين هي المحرك الرئيسي للسعر
وفقًا للرئيس التنفيذي لشركة MetalsDaily.com، “روس نورمان”، وهي منصة بريطانية متخصصة في المعادن النفيسة، يقول:
الصين دون ريب هي المحرك الأساسي لأسعار الذهب.
حيث يعتقد الخبراء أن تدفق المال إلى الصناديق الصينية التي تتداول بالذهب، ولجوء العديد من الشباب إلى جمع الذهب على شكل حبيبات صغيرة الحجم جعل سوق الذهب لم يعد مدفوعًا بالعوامل الاقتصادية وحدها، بل بأهواء وتفضيلات المشترين والمستثمرين الصينيين.
وقد أصبحت الاستثمارات في الذهب أكثر رواجًا في الصين مع تراجع أداء الاستثمارات التقليدية، وتضاؤل ثقة المستثمرين في سوق الأسهم الصيني بالكامل بعد تفاقم أزمة العقارات التي تشهدها الصين حالياً والتي يعتقد بعض الخبراء والمحللين أنها على وشك المزيد من التوسع عالميًا.
بنك الشعب الصيني الأول عالميًا من حيث الشراء
في العام الماضي، اشترى البنك المركزي الصيني ذهبا بنسبة تفوق أي بنك مركزي آخر في العالم، مضيفا إلى احتياطياته أكثر من كل ما أضافه في آخر خمسين سنة مضت.
والبيانات الجديدة تُظهر أن البنك المركزي الصيني أضاف كمية كبيرة من الذهب إلى احتياطياته في شهر أبريل تعادل نحو 60 ألف أونصة، رغم الارتفاع الكبير في أسعار الذهب منذ فترة وجيزة.
وبحسب آراء بعض الاقتصاديين، فإن عمليات الشراء المتواصلة للذهب في العام الماضي في بكين يرتبط في الأساس بتموضع استراتيجي من بنك الشعب الصيني الذي يحاول رفع نسبة الذهب في احتياطاته.
وتعكف بكين على خفض حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية، ففي مارس، كانت الصين تمتلك سندات حكومة أميركية بقيمة حوالي 775 مليار دولار، انخفاضًا من حوالي 1.1 تريليون دولار في عام 2021. حيث تسعى الصين إلى تنويع صناديقها الاستثمارية وتقليل اعتمادها على الدولار.
ووفقا لتصريح جوان تاو، كبير الاقتصاديين العالميين في BOC International في بكين:
عندما زادت الصين حيازاتها من الذهب في الماضي، كانت تشتريها محليًا باستخدام اليوان.
وأضاف تاو:
لكن هذه المرة، فإن البنك المركزي الصيني يستخدم العملات الأجنبية لشراء الذهب – مما يقلل فعليًا من اعتماده على الدولار الأميركي.
العقوبات الاقتصادية دافعًا للتوجه نحو الاستثمار في المعدن الأصفر
يذكر أن العديد من البنوك المركزية العالمية، بما في ذلك بنك الشعب الصيني، أقبلت على شراء الذهب بعد القرار الاستثنائي الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية بتجميد حيازات روسيا من الدولار في ضوء العقوبات المفروضة على موسكو، والتي تعد بمثابة مؤشر لانزلاق العالم نحو أزمة اقتصادية عالمية جديدة.
ويعتقد الخبراء أن حزمة العقوبات الاقتصادية كانت المحرك الأساسي الذي أجبر البنوك المركزية على حماية احتياطياتها بمزيد من الخيارات المتنوعة، نظرًا لاختلال أسس الثقة بالنظام النقدي الدولي الحالي.
من المتوقع أن تقلل البنوك المركزية العالمية من مشترياتها من الذهب في عام 2024 بالمقارنة مع الكمية التي تم شراؤها في العام الماضي، وذلك وفقا لتوقعات مجلس الذهب العالمي.
المصدر: سكاي نيوز بزنس
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية