يبدو أن التطوّر في عالم السيارات لن ينتهي، فبعد الاختراعات والابتكارات المدهشة والتكنولوجيا الرائعة التي نراها في السيارات الحديثة، تطور الأمر إلى اختراع السيارات ذاتية القيادة والذي يشكّل مزيجا رائعا بين الذكاء الاصطناعي وعالم السيارات.
في هذا المقال سنشرح آلية عمل السيارات ذاتية القيادة إضافة إلى شرح أبرز إيجابياتها وسلبياتها، ومدى انتشارها في العالم على العموم وفي العالم العربي على وجه الخصوص.
آلية عمل السيارات ذاتية القيادة
عند السماع عن السيارات ذاتية القيادة، غالباً ما نتساءل عن آلية عملها ومدى أمانها وقدرتها على تخطي العقبات أثناء السير إضافة إلى كيفية تحديد معالم الشوارع دون الاصطدام بالمارة أو السيارات الأخرى.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن السيارات ذاتية القيادة ليست اختراع وليد الساعة، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، إذ بدأت محاولة اختراعها منذ حوالي 50 عاماً، وقد ظهرت أول سيارة ذاتية القيادة في عام 1984 وكانت من صناعة مختبر “نافلاب” التابع لجامعة كارنيغي ميلون، وعلى مدى الأعوام المتعاقبة دخلت حوالي 35 شركة عالمية في مجال تصنيع السيارات ذاتية القيادة، مثل شركات جنرال موتورز، وتويوتا، وإنتل، وأودي، وبي أم دبليو، وتسلا، وغيرها الكثير من الشركات التي حاولت تحقيق الاستفادة القصوى من السيارات ذاتية القيادة.
تهدف السيارات ذاتية القيادة إلى حل العديد من المشاكل التي تتسبب بها السيارات التقليدية وأهمها تقليل نسبة الحوادث وتخفيف العبئ على البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية
السيارات ذاتية القيادة هي مركبات مزودة بأجهزة استشعار عن بُعد وكاميرات ورادارات، تمكّنها هذه الأجهزة من رؤية علامات الطرق وإشارات المرور، وقياس المسافات.
تمتلك السيارات ذاتية القيادة مكابح طوارئ آلية وتعتمد هذه التقنية على الرادار الذي يحدد العوائق والعقبات التي تحتاج إلى استخدام فرامل الطوارئ الآلية، ولكن من المشاكل هي اعتمادها على الرادار الذي يمكن أن تعوق بعض الظروف الجوية عمله، لذا تمّ استخدام أدوات استشعارية إضافية مثل الكاميرات وأجهزة استشعار فوق صوتية، والرادار إضافة إلى استخدام الضوء بدلاً من موجات الراديو في الظروف الصعبة.
أما بالنسبة للاصطفاف ذاتياً Self-Parking تتميز السيارات ذاتية القيادة بقدرتها على آداء تلك العملية بشكل أوتوماتيكي لأنها تتمكّن من رؤية مكان التوقّف بزاوية 360 درجة.
كما تمتلك هذه السيارات نظام التوجيه الآلي والمحافظة على المسار اللذين يساعدان السيارة على إدراك السرعات النسبية للأجسام من حولها إضافة إلى المحافظة على السير داخل مسارات محددة وفي حال وجود أي خلل في الطريق أو اقتراب سيارة أخرى تعود السيارات ذاتية القيادة من تلقاء نفسها إلى المسار الصحيح، وتمنع الانحراف عنه.
مزايا وإيجابيات السيارات ذاتية القيادة
أتت السيارات ذاتية القيادة لتغير مستقبل البشرية وتوفّر الكثير الراحة للأفراد، ومن أهم الميزات التي نمتلكها:
1. الحد من الأخطاء البشرية
بما أن معظم حوادث السيارات تنتج عن أخطاء بشرية بحتة، فإن السيارات ذاتية القيادة أتت لتقليل عدد الأرواح البشرية التي نفقدها كل يوم بسبب حوادث الطرق، فهي لن تستخدم الهاتف أثناء القيادة، أو تقود تحت تأثير الكحول، الأمر الذي يضمن أمان الأشخاص من هذه الناحية.
2. الراحة والرفاهية العالية
يمكنك الجلوس في السيارة وعدم الانشغال بأي خطوة من خطوات القيادة، فبإمكانك أخذ قيلولة أو قراءة كتاب دون قلق، وهذا بحد ذاته رفاهية جديدة لم نعتد عليها من قبل.
3. الحد من الازدحام المروري
بسبب قدرة السيارات ذاتية القيادة على التواصل مع بعضها عن طريق أجهزة الاستشعار، حيث تتم تصميمها وبرمجتها على عدم مخالفة القوانين المرورية بأي شكل من الأشكال، فمن غير الممكن أن تقوم هذه السيارات بالأخطاء البشرية التي تؤدي إلى الازدحام المروري.
4. تقليل الانبعاثات الكربونية
إذ تستخدم السيارات ذاتية القيادة الكهرباء كمصدر للطاقة وبالتالي فهي صديقة للبيئة بشكل كامل، على عكس المركبات التي تعمل بالبنزين أو الديزل والتي يصدر عنها انبعاثات غازية ضارة.
تحديات وسلبيات السيارات ذاتية القيادة
ما زالت السيارات ذاتية القيادة تعاني من العديد من المشكلات التي لا تجعلها آمنة بشكل كامل، وأهم هذه المشكلات:
1. صعوبة القيادة في الظروف الجوية الصعبة
بما أن السيارات ذاتية القيادة تعتمد على الكاميرات لرصد الأجسام المحيطة بها، فإن الظروف الجوية مثل تشكّل الضباب أو العواصف الرملية ستحول دون قدرتها على تمييز الأجسام القريبة وبالتالي ستزداد احتمالية الحوادث المرورية.
2. اختلاف خطوط الشوارع
تعتمد هذه السيارات بشكل أساسي على خطوط السير المرسومة على الشوارع لتضمن عدم انحرافها عن مسارها أثناء التحرّك، وهذه الخطوط تحدد أماكن التوقف والانعطاف وحدود المسارات على الطريق، ولكنها تختلف من دولة إلى أخرى إضافة إلى إمكانية اختفائها بمرور الوقت، ما سيشكل مشكلة حقيقية أمام هذه السيارات.
3. صعوبة التعامل مع السائقين
من أبرز المشكلات التي تواجهها السيارات ذاتية القيادة أن بعض السائقين غير ملتزمين بالقواعد المرورية وممن يقودون بطريقة خاطئة، مثل صف السيارة في مكان مخالف أو عدم الالتزام بمرور المشاة، وهذا قد يتسبب أحياناً بإرباك السيارات ذاتية القيادة.
4. الثمن المرتفع
بما أن السيارة الكهربائية تحتوي على العديد من القطع الإلكترونية والأنظمة التكنولوجية المتطورة، فمن الطبيعي أن تكون أسعار السيارات ككل مرتفعةً، ولذلك لن يكون الجميع قادراً على اقتناء واحدة منها وإنما سيكون الأمر محصوراً بفئة معينة.
انتشار السيارات ذاتية القيادة في بلدان العالم
نعتبر شركة بايدو أول شركة تشغّل سيارة أجرة ذاتية القيادة بشكل كامل في الصين، حيث كان استخدام التاكسي ذاتي القيادة ممكنًا فقط مع وجود سائق على متنه لضمان أمان إضافي.
كما تسري تصاريح للمركبة ذاتية القيادة في مدينتي تشونغتشينغ وووهان الصينيتين، كما أصبح من الممكن تشغيل سيارات “التاكسي الروبوت” هناك بدون سائقين. وأوضحت شركة بايدو أن هذه نقطة تحول في التعامل مع السيارات ذاتية القيادة وبدأت بايدو بتشغيل خمس سيارات في كل مدينة من المدينتين وتتفاوض بالفعل على توسيع العرض ليشمل.
وتتنافس مجموعة “بايدو” مع شركة “بوني آي” التي تمولها شركة تويوتا العملاقة. ومسموح بالفعل باستخدام سيارات التاكسي الروبوت في بكين ولكن مع قيود؛ إذ يجب أن يستمر وجود سائق في مقعد الراكب في مقدمة السيارة.
وتستثمر شركات السيارات وشركات التكنولوجيا حول العالم مليارات الدولارات في تطوير وتشغيل السيارات ذاتية القيادة. والصين والولايات المتحدة أكثر تقدمًا من ألمانيا ودول أخرى بخصوص السماح بهذا الأمر. وفي سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، توجد سيارات تاكسي روبوت بدون سائق من شركة “كروز” (Cruis) الناشئة تسير على الطريق بالفعل ولكن في شوارع محددة ومختارة سابقة.
أما بالنسبة للعالم العربي، فإن دولة الإمارات كانت سباقة في حيازة السيارات ذاتية القيادة، ويتضح ذلك باتفاقية نقل الركاب في أبوظبي التي أبرمتها عام 2008 دائرة البلديات والنقل بإمارة أبوظبي مع شركة بيانات لرسم الخرائط والمساحة والبيانات الجيوميكانية، حيث تنص الاتفاقية على بدء برنامج تجريبي ضمن مرحلتين، المرحلة الأولى هي إطلاق 3 مركبات قيادة ذاتية في المنطقة الرئيسية بجزيرة ياس مسؤولة عن نقل الركاب من وإلى أشهر فنادق ومطاعم الجزيرة. أما المرحلة الثانية فهي إطلاق 10 مركبات ذاتية القيادة بمختلف مناطق أبوظبي.
أما بالنسبة لإمارة دبي فقد وقعّت هيئة الطرق والمواصلات اتفاقية استراتيجية مع شركة “جنرال موتورز” تهدف إلى تشغيل مركبات ذاتية القيادة في رحلات التنقل داخل دبي ابتداءً من عام 2023 بشكلٍ تدريجي، ليتم توفير أكثر من 4,000 سيارة ذاتية القيادة في دبي بحلول عام 2030، وهو الوقت الذي تهدف فيه دبي إلى تحويل 25% من إجمالي رحلات التنقّل في الإمارة إلى رحلات ذاتية القيادة باستخدام مختلف وسائل المواصلات.
شكرًا لقراءتكم هذا الخبر على نيو نيوز سيارتك.. وندعوكم لمشاركته مع أصدقائكم ومشاركتنا آرائكم في التعليقات!
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية
تعليقات 4