سترى المستقبل قريبًا! هذا كل ما يمكننا قوله بعدما أثارت المواد الترويجية لمدينة “ذا لاين” نيوم ضجة لا مثيل لها في الإعلام وفي أذهان الملايين من البشر. فلك أن تتخيل شكل المدينة التي لا تتكون إلا من لوحين زجاجيين يمتدان عبر أكثر من 100 ميل وسط الصحراء والتضاريس الجبلية السعودية بمحاذاة ساحل البحر الأحمر. ولك أن تتخيل أيضًا أن هذه المدينة ستوفر مكانًا للعيش لأكثر من 9 مليون نسمة في المستقبل.
والسؤال هنا، هل ستكون هذه المدينة وجهة جميع الحالمين في المستقبل، أم أنها مجرد خيال علمي بحت؟
باختصار، لم يتمكن أي من الاقتصاديين والمهندسيين والمعماريين والمحللين من الإجابة عن هذا السؤال بشكل مباشر. وهذا لأن خطة المملكة العربية السعودية لإنشاء تلك المدينة الفاضلة الحضرية باهظة للغاية ولأن مدة تنفيذ المشروع تشكل تحديا حقيقيا.
مشروع “ذا لاين” نيوم في السعودية يحاكي المستقبل الذي لم يسبق لأحد التخطيط والتنفيذ لمثله من قبل على أرض الواقع، سوف يتسع لمعيشة 9 مليون إنسان في مناخ معتدل
وقد شهد المشككون والمؤيدون، على حد سواء، مزيدًا من التبصر بخصوص المشروع الاستثنائي هذا الأسبوع عندما حدد ولي عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان، المحاور المركزية لمشروع مدينة “ذا لاين”، والذي يُعد أحد أكثر مشاريع التطور الحضري طموحًا في العصر الحديث.
ومنذ الإعلان عنها في عام 2017، تستمر مدينة نيوم – المقرر أن تكون بالقرب من خليج العقبة – في إدهاش الجميع… نظرًا لما تقدمه من تصورات مستقبلية مبهرة، مثل سيارات الأجرة الطائرة والروبوتات الحديثة.
ووفقا للسعودية، سيكون الذكاء الاصطناعي محوريًا في كيفية المعيشة في مدينة “ذا لاين” التي سيبلغ ارتفاعها 500 متر وعرضها 200 متر فقط. فستكون المدينة خالية من السيارات ومحايدة للكربون وسوف يغذي المدينة بالكامل طاقة متجددة بنسبة 100% وستكون 95% من مساحة المدينة طبيعة محمية بالكامل. كما أنها ستتمتع باستدامة شبه كاملة ومناخ معتدل ومنظم. وقد أثارت التعهدات البيئية السابقة للمملكة، مثل التعهد بتحقيق انعدام انبعاثات الكربون بحلول عام 2060، شكوكًا من دعاة حماية البيئة.
ولكن صور المواد الترويجية قد جعلت فكرة المشروع تنبض بالحياة، وجعلت الجميع يتخيل المفهوم الذي كان من الصعب على مخططي المشروع تخيله بأنفسهم. وتُظهر الأفلام الترويجية للمشروع – المنتجة ببراعة – مدينة ضخمة تشبه المدن التي نراها في أفلام الخيال العلمي. فستتوفر جميع الاحتياجات اليومية للسكان على بعد خمس دقائق سيرًا على الأقدام، مع إمكانية الوصول إلى مزايا أخرى مثل مرافق التزلج في الهواء الطلق والقطارات فائقة السرعة التي ستنقل السكان من طرف المدينة إلى الطرف الآخر في غضون عشرين دقيقة فحسب.
والجدير بالذكر من أن نيوم ستعمل بموجب قانونها التأسيسي الخاص، الذي لا يزال قيد الإعداد.
وتُعتبر رؤية الأمير محمد بن سلمان للحياة العصرية أساسية في خططه لتحويل المملكة من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع ومزدهر يواكب المستقبل. بينما يظن البعض أن مشروع نيوم يمثل خروجًا عن المشاريع المعاصرة والتي باتت تقليدية إلى حد ما مقارنة بمروع “ذا لاين” الذي غير مفهوم فن العمارة كليا.
هذا وقد وصفت مدينة “ذا لاين” بالمدينة الأكثر ملاءمة للعيش في العالم حتى الآن وذلك لأن النموذج الذي تصوره للمدينة يمثل بديلًا للتنمية الحضرية الغير مسبوقة.
إن المرحلة الأولى من المشروع، التي ستستمر حتى عام 2030، ستتكلف حوالي 1.2 تريليون ريال سعودي. إلى جانب الدعم الحكومي، تشمل مصادر التمويل المحتملة القطاع الخاص والطرح العام الأولي لمشروع نيوم المتوقع في عام 2024.
هل سيكون للمملكة العربية السعودية نسختها الخاصة من عجائب الدنيا؟
لا شك أن المملكة العربية السعودية تطمح بأن تكون مشهورة عالميًا حالها حال كل الدول الرائدة. ومع ذلك، فإن الاستثمار في المشروع ومظاهره المختلفة على مدى السنوات الخمس الماضية قد دفع بعض المحللين إلى التساؤل عما إذا كان يمكن تنفيذ ذلك المشروع على أرض الواقع.
هذا وقد قال أحد المستشارين الذين يعملون عن كثب مع الحكومة السعودية: “يمكن تنفيذ ذلك المشروع على أرض الواقع ولكن الأمر يتطلب الكثير من الثقة، خاصة أنه لم يتبق على الموعد النهائي للمشروع إلا ثماني سنوات”.
وقال (روبرت موغيلنيكي) من معهد دول الخليج العربية في واشنطن لوكالة (فرانس برس): “لقد تغير المفهوم كثيرًا منذ تصوره المبكر… لدرجة أنه قد أصبح من الصعب علينا في بعض الأحيان تحديد اتجاهه: فهل سيتقلص أم سيتسع؟ لا أحد يعلم حتى الآن”.
على الجانب الآخر، يأمل الأمير محمد بن سلمان في ازدهار سكاني على مستوى البلاد. الأمر الذي يظنه ضروريًا لجعل المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، وهي قوة اقتصادية عظمى. وأضاف قائلًا: “هذا هو الغرض الرئيسي من بناء نيوم. وهو تعزيز قدرة المملكة العربية السعودية والوصول إلى الازدهار السكاني المطلوب. وبما أننا نبني هذه المدينة من الصفر، فليس علينا أن نقلد المدن العادية“.
وفي مواجهة الطفرة السكانية والنسبة المرتفعة لعدد الشباب الباحثين عن العمل، ستوفر نيوم ما يصل إلى 380,000 وظيفة شاغرة. وتشير التوقعات السعودية إلى أن عدد سكان المملكة سيصل إلى 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، وسيكون أكثر من نصفهم من الأجانب. ويبلغ عدد سكان المملكة العربية السعودية حاليًا أقل بقليل من 35 مليون نسمة.
شاهد هذا الفيديو التشويقي عن مشروع مدينة “ذا لاين” نيوم الواعد:
هل سنرى المستقبل قريبًا بالفعل؟
شكرًا لقراءتكم هذا الخبر على نيو نيوز بزنس.. وندعوكم لمشاركته مع أصدقائكم ومشاركتنا آرائكم في التعليقات!
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية