على الرغم من موجة التضخم التي تضرب الإقتصاد العالمي واضطرابات سوق الأسهم إلا إن مبيعات السلع الفاخرة تحقق ازدهارا في الأسواق الأوروبية و الأمريكية، حيث لا زال الأثرياء يتمتعون باللامبالاة والبرود الذي يجعلهم مطمئنين حيال ما يجري، بحيث لا يؤثر على عاداتهم الشرائية بالرغم من كل التخبط الحاصل بالإقتصاد العالمي.
في هذا المقال نستعرض أبرز ما آلت إليه مبيعات السلع الفاخرة والأسباب الكامنة وراء ذلك.
مبيعات قوية رغم التضخم
صرحت كلوديا داربيزيو وهي شريكة مؤسسة في مؤسسة Bain & Company الإستشارية لوكالة رويترز هذا العام ” إنه من المتوقع أن ترتفع مبيعات السلع الفاخرة بنسبة 5 بالمئة هذا العام، حيث إن المشترين من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا يواصلون التهافت على شراء الساعات الفاخرة والمجوهرات على الرغم من الصراع في أوكرانيا والتضخم القوي”.
حيث تتوقع مؤسسة Bain & Company إن مبيعات السلع الفاخرة الشخصية سوف تصل إلى 305 مليار يورو هذه السنه، وفقاً لأكثر التوقعات اعتدالاً لهذا العام و 330 مليار يورو بالنسبة لأكثر التوقعات تفاؤلاً بناءاً على إنتعاشها السريع من بعد الإغلاق بسبب فايروس كورونا.
وأوضحت المؤسسة إنه كان هناك انخفاض سلبي وحيد نتيجة الإنخفاض في الطلب من الأثرياء الروس بعد غزو روسيا لأوكرانيا حيث كان حظر الخطوط الجوية الروسية من دخول الأجواء الأوربية يحد من وصول السياح الروس إلى معظم أوروبا بالإضافة إلى إبعاد البنوك الروسية من شبكات الدفع الدولية، وكان يمثل الروس حوالي 7 مليارات يورو من المنتجات الفاخرة في الداخل والخارج، أي حوالي 2-3 % من السوق العالمية.
سلوك المستهلك هو السبب في استمرار شراء المنتجات الفاخرة رغم التضخم
في دراسة أجريت بشكل متخفٍ عبر بلدانٍ عدة على 3200 من مستهلكي السلع الفاخرة في الصين، والبرازيل، واليابان، وفرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة، قامت بتسليط الضوء على العوامل النفسية التي تدفع المستهلكين إلى الإستمرار بشراء السلع الفاخرة بالرغم من الإرتفاع المتزايد في أسعار هذه المنتجات وهو ما كان مخالفاً للتوقعات، أوضحت الدراسة إن السعر المرتفع للمنتج الفاخر أثبت أهميته في زيادة تفضيل المنتج وليس الجودة العالية.
تقول الدراسة:
إن السعر المرتفع لهذه المنتجات الفاخرة ليس بسبب التكلفة الكبيرة أو المزايا الملموسة ولكن يعود سبب الاستمرار في الطلب رغم التضخم إلى العوامل السيكولوجية التي تؤثر على سلوك المستهلك، حيث أن الشراء يعزز الشعور بالرضا والفخر الذي ينعكس على نفسية مشتري تلك السلع، حيث يعبر امتلاكه إياها عن المكانة الشخصية والقوة المالية التي يتمتع بها بين أقرانه من نفس الطبقة الإقتصادية المرموقة، وثقافة القدرة على دفع الكثير من المال مقابل الرفاهية.
رفعت العلامات التجارية الفاخرة الأسعار مؤخرا ليس لأنها اضطرت إلى ذلك ولكن لإبقاء الطلب قويا، وهذا ما يتحدى مبادئ الإقتصاد الكلاسيكي، حيث يجب أن تؤدي الأسعار المرتفعة إلى انخفاض الطلب، لكن هنا يمثل السعر السمة الرئيسية للرفاهية، وتكمن قيمة هذه السلع في الإشارة إلى وضعٍ اجتماعي معين من خلال عرض شعار علامة تجارية مشهورة، حيث تسري هذه الفكرة عبر الثقافات والديموغرافيات.
بعبارة أخرى، يشير السعر المرتفع للمستهلكين إلى قيمة السلعة الفاخرة، في حين إن القيم التي تستخدمها العلامات التجارية لتبرير ارتفاع أسعارها – الجودة العالية والحرفية والاستدامة – رغم أنها مقبولة اجتماعيا، فهي ليست بنفس أهمية قيمة السعر المرتفع في حد ذاته.
في النهاية عزيزي القارئ هل ترى إن الطلب سيستمر على السلع الفاخرة بزيادة أسعارها رغم التضخم، وهل تعتقد إن اقتناء سلع بهذه التكلفة في ظل وجود بدائل أكثر اقتصادية يوفر مكانة وتفردا اقتصادياً مميزا ضمن المجتمعات.
شكرًا لقراءتكم هذا الخبر على نيو نيوز بزنس.. وندعوكم لمشاركته مع أصدقائكم ومشاركتنا آرائكم في التعليقات!
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية