أفادت دراسة علمية حديثة بأن الأطفال الذين يقضون وقتًا أطول أمام الأجهزة اللوحية (التابلت) هم الأكثر عرضة لنوبات الغضب والشعور بالإحباط والاكتئاب، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى انزعاج الآباء وحرصهم على تهدئة أطفالهم باستخدام الشاشات الإلكترونية بوجه عام.
نيو نيوز - صحتك
أشار الباحثون إلى أن تركيز الطفل مع المحتوى المعروض عبر الشاشات يحد من قدرته بمرور الوقت على التحكم في مشاعره والسيطرة على غضبه، مما قد يجعله فريسة للشعور بالإحباط وبخاصة في حال حرمانه من جهازه المفضل.
ويعتقد الباحثون أن تلك المعضلة تعد بمثابة الركض داخل دائرة مفرغة، حيث يعتبر بعض الآباء أن تلك الأجهزة تقوم بدور “جليسة إلكترونية” تقوم بتسلية الطفل ومشاركته وقت فراغه، مما يساعده على البقاء هادئًا دون بكاء معظم الوقت.
الآباء يلعبون الدور الأكبر في تطوير مهارة التحكم في المشاعر لدى الطفل
وأشارت الدراسة المنشورة في مجلة JAMA Pediatrics إلى أن سنوات ما قبل الدراسة هي من أكثر المراحل الفاصلة في عمر الطفل، والتي يتعلم خلالها كيفية التحكم في مشاعره والسيطرة على انفعالات العاطفية.
حيث يطور الطفل تلك المهارة سواء بمساعدة والديه للقيام بذلك، أو من خلال مراقبته الذاتية للكيفية التي يسيطر بها الكبار من حوله على مشاعرهم.
وبحسب كارولين فيتزباتريك، أستاذة التربية في جامعة شيربروك التي قادت المجموعة البحثية في الدراسة الحديثة، فقد لاحظ الباحثون أن الأطفال يميلون إلى التفاعل مع الشاشات على نحو متزايد عوضا عن الأم أو الأب.
كما أكدت نتائج دراسة أمريكية سابقة بأنه خلال فترات الإغلاق التي تبعت الأزمة الوبائية العالمية قد لوحظ أن معظم الأطفال في سن الرابعة يمتلكون جهازًا محمولًا خاصًا بهم، وبالتالي فقد زاد الوقت الذي يقضيه الطفل الصغير أمام هذه الأجهزة من متوسط 5 دقائق يوميًا في عام 2020 إلى 55 دقيقة يوميًا في عام 2022.
الأجهزة اللوحية (التابلت) تؤدي إلى تكرار نوبات غضب الأطفال
لاحظ الباحثون أن نوبات الغضب لدى الأطفال الصغار ارتفعت سويا مع المدة التي يقضونها في التحديق إلى الشاشة، حيث أشارت النتائج إلى ارتفاع معدل استخدام الأطفال للأجهزة اللوحية بين سن 3 سنوات ونصف إلى خمس سنوات ونصف من متوسط 6.5 ساعة في الأسبوع إلى حوالي 7 ساعات.
ووجد فريق فيتزباتريك أن إضافة حوالي ساعة إضافية من التعرض للشاشات يوميًا في سن ثلاث سنوات ونصف تتوافق مع قفزة كبيرة في مستويات الغضب والإحباط لدى الطفل بعد عام واحد فقط.
وفي الوقت نفسه، فقد وجد الباحثون أن الأطفال الذين انخفضت قدراتهم على التحكم في مشاعرهم قد حصلوا على وقت إضافي من مشاهدة الأجهزة اللوحية، مما يؤكد أن الأمر يبدو بمثابة الحلقة المفرغة التي تهدد منظومة إدارة المشاعر لدى الطفل.
اقرأ أيضا: أثر وسائل التواصل الاجتماعي على صحة الأطفال النفسية
ماذا يمكن أن يفعل الآباء لكبح نوبات الغضب لدى الصغار؟
يعتقد الباحثون أن الأمر يجب أن يتم باعتدال، وعلى نحو تدريجي، فمثلًا إذا أعطيت طفلك جهاز التابلت أو الهاتف المحمول، فإنه ينبغي عليك أن تحدد له وقتًا معينًا وليكن مثلا 20 دقيقة، بمعنى أن تكون مشاهدة الطفل للشاشات على نحو متقطع وفترات متباعدة، وليس ساعات متصلة.
كما أشاروا إلى أن وجود الآباء بجانب أطفالهم في أثناء مشاهدة الشاشات يخلق نوعًا من التفاعل الذي يساعد الطفل على تطوير مهاراته العاطفية، بحيث لا يترك الطفل وحده فريسة للتعايش والاندماج الزائد عن الحد مع العالم الافتراضي المتاح عبر الأجهزة اللوحية.
وقد استنتجت الدراسة أن تحكم الطفل في مشاعره والسيطرة على نوبات غضبه تمنحه بمرور الوقت القدرة على تقبل الأمر الواقع وتأجيل الشعور بالرضا، بمعنى أن يصبح قنوعًا بما هو متاح فقط دون الوصول إلى مراحل الهياج العصبي في حال عدم إشباع رغباته فورا.
الأمر الذي يسهم بدوره في تعزيز صحته النفسية وتطوير قدراته العقلية خلال سنوات الدراسة اللاحقة.
المصدر: ميديكال إكسبريس
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية