أفادت دراسة طبية جديدة بأن استبدال الساعات الطويلة التي يقضيها الفرد أمام التلفاز ببعض أنواع النشاط البدني يسهم على نحو كبير في الحد من أعراض الشيخوخة. صحيح أن الكثيرين قد لا يجدون الأمر ممتعًا، وبخاصة إذا كانوا من متابعي المسلسلات الشيقة أو أفلام الأكشن، ولكن إذا نظرنا إلى الفوائد الصحية في الاستغناء بعض الشيء عن شاشة التلفاز في حياتنا، سندرك أهمية عدم الجلوس طويلًا أمامها.
نيو نيوز - صحتك
قال أستاذ الطب في قسم علم الأوبئة بجامعة هارفارد، وكبير الباحثين في الدراسة الدكتور مولين وانغ:
إن الهدف الرئيسي من الدراسة هو تأكيد أن استبدال مشاهدة التلفاز بالنشاط البدني والنوم يعتبر مفيداً للصحة العامة وتأخير الشيخوخة.
وأشار الأطباء المشاركون في الدراسة إلى مفهوم “الشيخوخة الصحية” وهي قدرة الإنسان على بلوغ سن الـ 70 عاماً مع الحفاظ على أربعة مؤشرات صحية، والتي تتعلق بكل من الذاكرة القوية، الصحة البدنية، الصحة العقلية، وعدم الإصابة بأحد الأمراض المزمنة الخطيرة.
علاقة عكسية بين الشيخوخة الصحية ووقت مشاهدة التلفاز
قام الباحثون في هذه الدراسة بتحليل بيانات سابقة من دراسة صحة الممرضات (Nurses’ Health Study) لأكثر من 45,000 شخص يبلغون من العمر 50 عامًا أو أكثر في عام 1992، والذين كانوا أيضًا خاليين من الأمراض المزمنة، وفقًا للدراسة التي نشرت مؤخرًا في مجلة JAMA Network Open العلمية.
وتابع الباحثون لمدة 20 عاما للتعرف على عادات الأشخاص الخاضعين للدراسة، مثل معرفة الوقت الذي يقضونه في وضع الجلوس سواء كان في العمل، أو في المنزل أمام التلفاز، وساعات الوقوف أو المشي في المنزل والعمل. وقد تم تحليل تلك البيانات ببيانات جديدة توضح مؤشرات عن حالات المبحوثين بعد تقدمهم في السن.
وأظهرت الدراسة أن كل ساعتين إضافيتين من الجلوس أمام التلفاز ترتبطان بانخفاض بنسبة 12% في فرص الحصول على شيخوخة صحية. من ناحية أخرى، أوضح الباحثون أن ساعتين من النشاط البدني الخفيف في العمل يؤديان إلى زيادة بنسبة 6% في احتمالات الشيخوخة الصحية.
كما حذرت الدراسة من خطورة الجلوس لفترات طويلة بوجه عام دون ممارسة أي نوع من الحركة سواء في المنزل أو العمل، فلماذا يبدو الجلوس خطيرًا إلى هذا الحد؟
تأثيرات الجلوس المطوّل سلبا على الصحة
وفقًا لدراسة أُجريت في عام 2017، اتضح وجود رابط بين قضاء الشخص وقتًا طويلا جالسًا وارتفاع مخاطر الوفاة المبكرة. وقد يزيد وقت الجلوس في مرحلة الطفولة من خطر الإصابة بأمراض القلب في وقت لاحق من الحياة، وفقًا لدراسة أخرى أجريت حديثًا في عام 2023.
وربط الباحثون بين العادات السيئة مثل الجلوس لفترات طويلة ومشاهدة التلفاز واللذان عادة ما يكونان مصحوبين بتناول الوجبات السريعة والأكل خلال أوقات متأخرة من الليل. كل ذلك قد يرتبط بانخفاض تواصل الفرد بالآخرين من حوله، بل وقلة عدد ساعات النوم أيضًا.
والأهم من ذلك أن الوقت الذي يمضيه الإنسان جالسًا على الأريكة أمام التلفاز يحرمه بالطبع من فرص الخروج وممارسة الأنشطة البدنية المختلفة التي تؤدي دورًا محوريًا في الحد من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
كيفية التخلص من العادات الروتينية الغير صحية
إذا كان نظام عملك يفرض عليك البقاء لمدة 8 أو 10 أو حتى 12 ساعة مثلا جالسًا داخل المكتب، فقد يصعب بالطبع ممارسة أي نوع من النشاط البدني. لذا يقترح الباحثون أن يستعين الفرد في تلك الحالة بمكتب آخر يمكنه ممارسة عمله من خلاله وهو في وضع الوقوف عوضا عن الجلوس.
كما ينصحون أيضًا بوجود مشاية رياضية داخل المكتب إن أمكن ذلك، كي يتمكن الشخص كثير المشاغل من ممارسة القليل من الرياضة في أثناء العمل.
وأضافوا أنه في حال صعوبة تطبيق تلك الحلول، فلا بد من قطع حالة الجلوس الروتينية الخاطئة على مدار كل ساعة، ولو لمرة واحدة فقط والتحرك قليلًا بين أروقة المكان.
وقد أكد الباحثون على أن التخلص من العادات الخاطئة التي تجعل الإنسان كسولًا، لا يعني حرمانه التام من مشاهدة برامجه التليفزيونية المفضلة، بل يجب أن تكون عادات وأوقات المشاهدة مقترنة بعادات صحية كالحركة بين الحين والآخر وتناول الأطعمة الخفيفة، والأفضل من كل ذلك هو حسن تنظيم وإدارة الوقت.
المصدر: سي أن أن
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية