يتوقع الخبراء أن تصبح الحافلات المدرسية الكهربائية أكبر منظومة للنقل الجماعي في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها ما زالت بحاجة إلى المزيد من التطوير.
نيو نيوز - حول العالم
ساهمت تجربة الحافلات المدرسية الكهربائية في زيادة أعداد الطلاب المنتظمين بالحضور داخل المدارس
مع بدء تشغيل أول أسطول للحافلات المدرسية الكهربائية في مدينة أوكلاند بكاليفورنيا، يتوقع الخبراء أن تتحول رحلة الطلاب نحو المدرسة إلى تجربة أكثر متعة، فلا ضجيج صادر عن صوت المحركات، ولا انبعاثات كربونية مسببة للاحتباس الحراري العالمي من الآن فصاعدا مثلما كان الحال في الماضي مع حافلات الديزل التقليدية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحافلات المدرسية المستقبلية ستعمل بمثابة مخزن احتياطي للطاقة الكهربية، فبالنسبة لأسطول أوكلاند المكون من 74 حافلة، فهو قادر – بحسب الخبراء – على تزويد نحو 400 منزل بالطاقة الكهربية في حالة الحاجة إلى ذلك.
فالحافلات المدرسية الكهربائية تعمل وفقًا لجدول زمني محدد، لذا يمكن استغلالها على نحو فريد لبيع الطاقة الكهربائية الإضافية إلى الشبكة خلال ساعات الذروة، عندما لا تُستَخدم.
وفي مقاله على منصة VOX لفت الكاتب آدم كلارك استيز إلى بعض العراقيل التي قد تحول دون منح الأطفال جميعهم في الولايات المتحدة فرصًا أفضل لركوب الحافلات المدرسية الكهربية.
حيث أشار إلى أنه بالرغم من توفر التمويل الخاص بشراء حافلات مدرسية كهربية، وأيضًا صدور التشريعات المحلية المؤيدة لمبدأ تحويل رحلة الطلاب على الطرق إلى تجربة صديقة للبيئة، إلا أن المعضلة الأساسية تتمثل في ترقية البنية التحتية لشبكة الكهرباء الرئيسية من أجل توفير إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل الأساطيل المدرسية الجديدة.
الحافلات المدرسية الإلكترونية قد تسهم في التخلص من مليوني سيارة على الطريق
أكد استيز على أن التحول من حافلات الديزل إلى الحافلات الكهربائية من شأنه مساعدة العديد من الفئات المجتمعية وبخاصة من هم أقل دخلًا على التمتع بصحة أفضل بالنظر إلى كونهم الأكثر اعتمادًا على ركوب الحافلات بوجه عام في حياتهم اليومية.
لافتًا إلى أن تجربة الحافلات المدرسية الجديدة في أوكلاند قد ساهمت في زيادة أعداد الطلاب المنتظمين في الحضور المدرسي بصورة ملحوظة.
كما يتوقع الكاتب الشهير بأن الاتجاه نحو الحافلات الكهربائية سوف يؤدي بمرور الوقت إلى التخلص من البصمة الكربونية الخاصة بنحو مليوني سيارة تعمل بالديزل على الطريق، والتي تطلق حوالي 9 ملايين طن متري من غازات الاحتباس الحراري سنويًا.
ومن ناحية أخرى، فإن نشر الحافلات الكهربائية على الطرق من شأنه توفير الكثير من الأموال التي تُستَهلك من أجل شراء الوقود اللازم للحافلات التقليدية. ووفقًا لشركة تصنيع الحافلات المدرسية Blue Bird، فإن تكلفة تشغيل حافلتها المدرسية الكهربائية تبلغ 14 سنتًا لكل ميل مقابل 49 سنتًا للحافلات التي تعمل بالديزل.
تعميم تجربة الحافلات المدرسية التي تعمل على الكهرباء في جميع الولايات الأمريكية
ولا تقتصر التجربة الثورية لتشغيل الحافلات المدرسية المتطورة على أوكلاند وحدها، فقد أفادت سوزان جاندر، مديرة مبادرة الحافلات المدرسية التي تعمل على الكهرباء في معهد الموارد العالمية بأنه جار حاليًا التخلص التدريجي من حافلات الديزل التقليدية في جميع أنحاء الولايات المتحدة بهدف تبني التجربة الأكثر أمنًا على صحة الطلاب والبيئة بوجه عام.
مشيرة إلى أن التحول يتم على فترات متقطعة، حيث تتجه المناطق التعليمية خلال الفترة الانتقالية الحالية في جميع أنحاء البلاد نحو شراء حافلات كهربية في 49 ولاية، بالإضافة إلى الأقاليم الأمريكية الأخرى، حيث يتم حاليًا نقل 200 ألف طالب عن طريق حافلات مدرسية كهربائية.
جدير بالذكر أن التحول نحو الحافلات الكهربائية يتسارع بمعدل مذهل بفضل زيادة التمويل الحكومي والاتحادي خلال السنوات الأخيرة. فقد أنشأ قانون البنية التحتية الحزبي لعام 2021 برنامج الحافلات المدرسية النظيفة لمدة خمس سنوات بقيمة 5 مليارات دولار، والذي تديره وكالة حماية البيئة، لمساعدة المناطق المدرسية المحلية على شراءها.
وقد قدمت بعض الولايات تسهيلات فريدة من نوعها من أجل شراء الحافلات الإلكترونية، في حين ذهبت نيويورك إلى أبعد من ذلك من خلال اشتراط أن تكون جميع مشتريات الحافلات المدرسية الجديدة كهربية بدءًا من عام 2027، ووفرت 500 مليون دولار للمناطق التعليمية للمساعدة على دفع ثمنها.
كما تستفيد العديد من الولايات أيضًا من أموال صندوق الاستئمان البالغة 2.9 مليار دولار والصادرة عن تسويات فولكس فاجن ديزل في عامي 2017 و 2018 لشراء حافلات إلكترونية وترقية البنية التحتية للشحن الخاصة بها.
علمًا بأن تلك المزايا والعروض المقدمة قاصرة فقط على تكاليف شراء الحافلات، ولا تشمل النفقات اللازمة لترقية البنية التحتية الكهربائية للمرافق المحلية، بما في ذلك المحولات الجديدة والمزيد من خطوط النقل، والتي قد يستغرق تركيبها من تسعة أشهر إلى عامين.
تكلفة تصنيع الحافلات الكهربائية تبلغ ثلاثة أضعاف حافلات الديزل
وبالرغم من أن تكلفة تصنيع تلك الحافلات العصرية تبلغ نحو ثلاثة أضعاف تكلفة الحافلة التي تعمل بالديزل، حيث تقدر التكلفة الأولية للحافلة الواحدة حوالي 350 ألف دولار، إلا أنه يتوقع الخبراء بأن يتم تعويض فرق التكلفة الكبير في المزايا الكبرى التي ستحققها الحافلات الجديدة من حيث توفير نفقات الوقود، وتكاليف الصيانة.
وفي عام 2020 بلغ عدد الحافلات المدرسية الكهربية في الولايات المتحدة 485 حافلة، وصولًا إلى 3267 في عام 2023، مما يشكل نحو 2.5 في المائة من العدد الإجمالي المطلوب لاستبدال أسطول الحافلات المدرسية التي تعمل بالديزل في البلاد.
ويتوقع الخبراء أنه بنهاية العقد الحالي، ستكون هناك آلاف من تلك الحافلات العصرية على الطرق.
هل ستشهد الحافلات المدرسية الكهربائية إقبالًا من الطلاب؟
وفي نهاية مقاله، يطرح استيز تساؤلا هاما يتعلق بحجم الإقبال المتوقع من الطلاب على ركوب الحافلات المدرسية الكهربائية الجديدة.
فقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في أعداد الطلاب المشتركين في الحافلات المدرسية بوجه عام، وذلك نظرًا لبعض الأسباب، التي يتعلق بعضها بنقص أعداد السائقين، والأخرى المرتبطة بخطوط سير الحافلات نفسها، حيث تعمد المدارس إلى دفع معظم الحافلات نحو المناطق النائية لاصطحاب الطلاب ممن يقطنون على مسافات بعيدة، وبالتالي فإن غالبية الطلاب من سكان وسط المدينة ليسوا بحاجة إلى الاشتراك.
وهنا تبرز إشكالية اصطفاف العديد من السيارات الخاصة غير الصديقة للبيئة أمام المدارس في نهاية اليوم الدراسي حيث ينتظر أولياء الأمور لاصطحاب أبنائهم إلى المنزل.
ويأمل استيز في التغلب على تلك الإشكالية من أجل منح الطلاب فرصة أفضل لتجاذب أطراف الحديث ومشاركة تجاربهم الخاصة فيما بينهم خلال رحلة العودة داخل حافلة نظيفة وهادئة.
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية