يجتمع الملايين من الناس من كافة أرجاء العالم في يوم الأرض في الـ 22 من أبريل من كل عام للاحتفال بالحراك البيئي. حيث بدأت الاحتفالات بتلك المناسبة العالمية منذ عام 1970. وبالرغم من أن قضية التغير المناخي تعد من أبرز القضايا التي تهدد الوجود البشري بوجه عام، إلا أن هناك بعض العلماء المعنيين بدراسة أثر الأنشطة الإنسانية على الحالة المناخية، يصممون على نشر التفاؤل بشأن المستقبل.
ويرى هؤلاء العلماء أنه ليس من العدل أن تركز أنظار العالم أجمع على المخاطر والسلبيات فقط دون الالتفات إلى حقيقة الجهود المبذولة والتقدم الذي أحرزه الإنسان على مدار الخمسين عامًا الماضية فيما يتعلق بمعالجة القضايا البيئية العالمية، ومحاولات التصدي للتغيرات المناخية.
نيو نيوز - حول العالم
التغير المناخي أشبه بمحاولة تسلق أعلى جبل في العالم
تقول كاثرين هايهو خبيرة العلوم المناخية بجامعة تكساس:
تبدو المعضلة هنا أشبه بمحاولة تسلق أعلى جبل في العالم. أنت تمشي وتتسلق وتبدو القمة وكأنها لا تقترب أبدًا. ولكن عندما تستدير، ستدرك إلى أي مدى وصلت.
وأوضحت بأنه بالرغم من كافة المؤشرات السلبية التي ترصد حجم التغيرات المناخية والمخاطر البيئية، إلا أن ثمة تقدمًا ملحوظًا على صعيد الأنشطة البشرية والجهود الرامية إلى الحد من أثر تغير المناخ على كوكب الأرض.
وأضافت بأن الاستثمار في بعض مصادر الطاقة النظيفة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية وأيضًا التطور الهائل في مجال صناعة السيارات الكهربائية، يعد من أبرز الأمثلة الدالة على الجهود المبذولة من أجل إنقاذ الكوكب؛ مما يدعو إلى التفاؤل.
منح بقيمة 7 مليارات دولار لتوفير الطاقة الشمسية للمناطق الفقيرة في الولايات المتحدة
ومن الأسباب التي دعت إلى تفاؤل العلماء هذا العام أيضًا تجاه مستقبل الأرض، ما أعلنته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من تخصيص 7 مليارات دولار لتوفير الطاقة الشمسية لأكثر من 900 ألف منزل في المجتمعات ذات الدخل المنخفض والمحرومة.
وقال البيت الأبيض إن هذا القرار من شأنه أن يوفر أكثر من 350 مليون دولار من تكاليف الكهرباء سنويا – أي ما يقرب من 400 دولار لكل أسرة – على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة.
أبرز ثلاثة إنجازات للبشرية في مجال المناخ خلال 50 عامًا
لقد حققت البشرية بالفعل بعض الانتصارات المذهلة في مجال المناخ، وهذا بالمقارنة بقضايا بيئية كبيرة أخرى تبدو مستعصية على الحل.
1. حظر مادة دي تي تيDDT القاتلة
يمكننا القول بأن الانتصار الأول الذي حققته البشرية في هذا الصدد هو حظر مادة الـ دي دي تي السامة. وهي نوع من المبيدات الحشرية كان يُنظر إليه في الأصل على أنه معجزة في مكافحة البعوض وغيره من الحشرات عندما طُرِح لأول مرة في الأربعينيات.
ولكن في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي أدرك العلماء العلاقة بين تناقص أعداد الطيور وانتشار تلك المادة الكيميائية الخطيرة، حيث أدى الـ الدي دي تي إلى أن يصبح قشر البيض الخاص بالطيور أقل سمكًا، لدرجة جعلت الأمهات تسحق أطفالهن في العش – مما دفع العديد من الأنواع، بما في ذلك النسر الأصلع، إلى حافة الانقراض.
وبالفعل حُظِرَت مادة الـ دي دي تي في عام 1972، وبحلول عام 2007، عادت النسور الصلعاء إلى الظهور مجددا، واستُبعِدت من قائمة الأنواع المهددة بالانقراض.
2. بروتوكول مونتريال من أجل سلامة طبقة الأوزون وأثرها على التغير المناخي
بالنسبة لطبقة الأوزون التي تحمينا من الأشعة فوق البنفسجية، فقد لاحظ العلماء لأول مرة في أوائل الثمانينات أن ثقبًا قد نشأ في تلك الطبقة الواقية من الغلاف الجوي. وبالرغم من ضخامة المشكلة، وقعت الدول في جميع أنحاء العالم على بروتوكول مونتريال، للتخلص التدريجي من مركبات مادة كلوروفلوروكربون التي تسببت في الثقب. واليوم، يقوم الأوزون بإصلاح نفسه، ومن المتوقع أن يعود إلى مستويات عام 1980 بحلول عام 2060.
3. قانون الهواء النظيف CAA
وهو القانون الفيدرالي الأساسي لجودة الهواء في الولايات المتحدة، ويهدف للحد من تلوث الهواء والسيطرة عليه على المستوى الوطني. فقد رصد العلماء ظاهرة تساقط المطر الحمضي، وهو الناتج الثانوي عن حرق الفحم المحتوي على الكبريت في خمسينيات القرن الماضي، والذي أدى بدوره إلى القضاء على الغابات والحياة البحرية عبر مساحات واسعة من الشمال الشرقي.
ولكن مع تزايد الوعي العام بمخاطره في السبعينيات، صدر قانون الهواء النظيف لعام 1990 والذي يهدف إلى وضع مسودة عمل للحد من انبعاثات الكبريت، ومنذ ذلك الوقت بدأت مستويات المادة السامة في الانخفاض.
الطاقة النظيفة هي الأرخص حاليًا إطلاقا
وبحسب العلماء فإن من المؤشرات التي تدعو إلى التفاؤل أيضًا هو الانخفاض الملحوظ في أسعار مصادر الطاقة النظيفة (الطاقة البديلة). فقد أصبحت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات الكهربائية أقل تكلفة إلى حد بعيد عما كانت عليه قبل 10 سنوات تقريبًا. في عام 2023، كانت تكلفة الكهرباء المولدة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية أقل بكثير من تكلفة الفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية.
كما أشاروا إلى انخفاض تكلفة طاقة الرياح بنسبة 66% منذ عام 2009، في حين انخفضت تكلفة الطاقة الشمسية بنسبة 84%، وفقا لتحليل أجرته شركة Lazard، وهي شركة متخصصة في الاستشارات المالية تنشر تقديرات سنوية للتكلفة الإجمالية لإنتاج الكهرباء.
ويعتقد هؤلاء العلماء ممن ينظرون إلى النصف الممتلئ من الكوب فقط أن التمسك بالأطروحات المتشائمة، والتي تركز على فكرة أن الأوان قد فات لإنقاذ كوكب الأرض يحول دون الاستمرار في المساعي وبذل الجهود في مجال العمل البيئي والتصدي لآثار التغيرات المناخية.
لذا، فهو يطلقون دعوة إلى التفاؤل قوامها محاولة التركيز على الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع بالفعل، وعقد المقارنات بين الماضي والحاضر فيما يتعلق بحجم الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، كل هذا من شأنه مواصلة العمل من أجل إنقاذ البشرية من الهلاك.
المصدر: يو أس إيه تودي
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية