تجتمع المصائب على القارة العجوز فلم تكد تخرج أوروبا من صدمة الوباء وتأثيراته الاقتصادية حتى وجدت نفسها في صراع للبقاء إثر حرب روسيا مع أوكرانيا، حيث أن روسيا هي المزود الرئيسي لها بالغاز والنفط وها هي الآن تعاني من موجة جفاف هي الأسوأ منذ 500 عام تهدد نصف الدول الأوروبية، ووفقاً لتقرير صادر عن خدمة العلوم والمعرفة التابعة للمفوضية الأوروبية، سوف تزيد موجة الجفاف من الأزمة الاقتصادية حِدةً.
جفاف الأنهار في أوروبا وتبعاته الاقتصادية
تسببت موجة الحر التي تضرب أوروبا بانخفاض منسوب الأنهار والبحيرات كنهر الراين الذي يمر عبر كل من سويسرا، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، ونهر ألبا الذي يجري من جمهورية التشيك وصولاً إلى ألمانيا، وتسبب الجفاف بظهور حطام للسفن يعود إلى الحرب العالمية الثانية، وظهرت حجارة تدعى حجارة الجوع نقش عليها باللغة الألمانية “إذا رأيتني فابكِ” في تحذير للذي سوف يرى هذا الحجر إن القادم أسوأ.
انخفاض منسوب الأنهار تسبب في مشاكل بالنقل البحري، حيث لم تعد تستطع السفن العبور بنفس الحمولة التي كانت تعبر بها سابقا خوفا من الارتطام بقاع النهر، بالإضافة إلى أن 47% من قارة أوروبا تعاني من حالة جفاف التربة، إضافة إلى أن 17% أخرى من الغطاء النباتي تظهر عليه علامات الإجهاد.
موجة الحر وحرائق الغابات
هذا وتسببت موجة الحر بازدياد حرائق الغابات في بلدان عديدة كفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا وأدت إلى ابتلاع أكثر من 600 ألف هكتار من الأراضي الخضراء، بالإضافة إلى أنه وبحسب التقرير تسبب الجفاف بانخفاض انتاج محصول الذرة، وفول الصويا بنسبة 15%.
تفاقم أزمة الطاقة
كذلك تسبب الجفاف في تفاقم أزمة الطاقة حيث انخفضت إمدادات الفحم الحجري إلى محطات الطاقة في ألمانيا التي أُعيد تشغيلها بعد تلاعب الروس بكميات الغاز المصدرة عبر خط نورد ستريم 1، وانخفض منسوب المياه في السدود الكهرومائية في دول مثل البرتغال والنرويج، مما دفع النرويج ثاني مورد للغاز الطبيعي في الإتحاد الأوروبي بعد روسيا للتحذير من أنها قد تضطر إلى كبح صادرات الطاقة إذا لم يتحسن الوضع.
تعليقات الخبراء حول الجفاف في أوروبا
صرحت ماريا جابرييل، مفوضة البحث والابتكار بالاتحاد الأوروبي: “إن موجة الجفاف الشديدة وموجات الحر المتتالية تسببت في ضغط غير مسبوق بشأن مستويات المياه في الاتحاد الأوروبي بأكمله، ونحن نلاحظ حالياً موسم حرائق الغابات وهو أعلى من المتوسط، ما تسبب في تداعيات وخيمة على إنتاج المحاصيل“.
وقالت عالمة وخبيرة المناخ في تصريح على قناة بي بي سي الإعلامية: “الموضوع لا يتعلق بارتفاع درجات الحرارة فقط بل التأثير على موارد المياه، وكذلك التأثير على المواصلات وشبكة القطارات، بالإضافة إلى التأثير على إمدادات الطاقة وتوليد الكهرباء ناهيك عن تأثيرها على الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التأقلم مع درجات الحرارة المرتفعة”.
وأضافت بخصوص التوقعات للسنين القادمة:
“يجب أن نتأقلم مع التغير المناخي، نحن نرى التأثيرات السلبية التي تحدث نتيجة درجات الحرارة المرتفعة وسيستمر هذا في المستقبل حتى لو توقفنا عن إصدار الانبعاثات الغازية غدا سنظل نشهد ارتفاعا إضافياً في درجات الحرارة، علينا أن نتأقلم مع التغير المناخي حيث أننا سنبدأ العيش في عالم أكثر دفئاً”.
لعله حان الأوان ليبدأ الأوروبيون بالتأقلم مع نمط حياةٍ جديدة كما صرح الرئيس الفرنسي لشعبه قائلاً: “ودعوا أيام الوفرة“، فالمصائب تتوالى لتثقل كاهل القارة الأوربية بأكملها وتزيد من تعقيد وضع الاقتصاد الأوروبي، ولعله حان الوقت للحكومات بأجمعها أن تلتفت إلى تحدي تغير المناخ بشكل جدي لأن هذه المشكلة لن تترك آثارا سلبية على بلد واحد أو قارة واحدة وحسب، بل سوف تلقي بالكوارث على العالم أجمع.
أخبرنا عن رأيك؟ كيف بالإمكان المساهمة للحد من آثار التغير المناخي على حياتنا؟
شكرًا لقراءتكم هذا الخبر على نيو نيوز حول العالم… وندعوكم لمشاركته مع أصدقائكم ومشاركتنا آرائكم في التعليقات!
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية