دخلت الحرب الاقتصادية بين أوروبا وروسيا مرحلة جديدة والتي نرجو ألا تؤدي إلى نتائج كارثية لكلا الطرفين على المدى القريب، وجاء خبر قطع الغاو الروسي عن أوروبا بمثابة الصدمة الكبيرة، حيث أعلنت شركة غاز بروم الروسية عن أنها ستوقف ضخ الغاز بشكل كامل بسبب الحاجة إلى صيانة التوربين Trent-60.
هذا وأعلنت روسيا أنه لن يتم تشغيل الخط حتى إصلاحه بالكامل، وهذا التوربين هو الوحيد الذي يعمل على تشغيل الخط، حيث إن التوربينات الأخرى متوقفة أيضا بحجة الصيانة، ويعمل هذا التوربين على تشغيل الخط بنسبة 20% بحيث ينقل 33 مليون متر مكعب من الغاز إلى أوروبا.
ما هدف قطع الغاز الروسي عن أوروبا؟
لم يتوانَ الروس عن استعمال حجة صيانة الخط كوسيلة لإيقاف تدفق الغاز عبر خط نور ستريم واحد إلى أوروبا، في محاولة لمنع الأوروبيين من ملئ مخزونات الغاز لديهم، مما سيجعل الأوروبيين يعانون من شتاء قاس وبارد، الأمر الذي يساهم بإحداث اضطرابات واحتجاجات، مما يقود بعض القادة الاوروبيين إلى وقف الدعم العسكري لأوكرانيا والجلوس على طاولة المفاوضات.
وهذا ما لم يخفيه الرئيس الروسي السابق، ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، من خلال منشور على قناته الخاصة على تطبيق تيليجرام، دعا المواطنين الأوروبيين إلى الاحتجاج على الإجراءات الغير مسؤولة التي تتخذها حكوماتهم (العقوبات الاقتصادية) ومعاقبتها على ذلك، بالتصويت ضدها في الانتخابات.
القى الكرملين باللوم على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا في تأخير عودة معدات خاصة بالخط أرسلت إلى كندا مما أدى إلى قطع الغاز الروسي عن أوروبا.
ما الخيارات المتاحة أمام أوروبا بعد قطع الغاز الروسي؟
لن تكون سهولة عملية مقاطعة النفط الروسي وفرض العقوبات على روسيا بنفس سهولة مقاطعة الغاز الروسي، فلم تكن عملية تأمين مصادر بديلة للنفط الروسي من الشرق الأوسط بالمعضلة الكبيرة والنقص الذي واجهه مستوردي النفط من الشرق الأوسط تم تعويضه من روسيا كما حصل مع الهند، لكن بالنسبة للغاز فالأوربيين لا يمتلكون خطوط الأنابيب التي تمكنهم من نقل الغاز من الدول الأخرى المصدرة للتعويض عن الغاز الروسي، وعملية بناء هذه الأنابيب تستهلك عدة سنين.
وبالتالي يبقى أمام الأوربيين خيار وحيد وهو استيراد الغاز في صورته المسالة وعليه يلزم الأمر بناء محطات إسالة غاز سواء ثابتة أو عائمة ولكن هذا الخيار أيضاً ليس بالخيار، على الرغم من قدرة دول الاتحاد الأوروبي على شراء الغاز إلى أن هناك طلب شديد على كميات الغاز المتوفرة في السوق، مما يحد من إمكانية ملء أوروبا لمخزونات الغاز قبل حلول فصل الشتاء.
لم تتوقف خطوات الاتحاد الأوروبي، عند هذا الحد فقد اتفقت دول الاتحاد في يوليو على خطة هدفا تقليل استهلاك الغاز بنسبة 15% على مدى السبع شهور الممتدين بين 1 أغسطس 2022 إلى 31 مارس 2023 بشكل طوعي، وهذا ما ترجم عملياً ببعض القرارات في الدول الأوروبية التي تسمح باستخدام المكيفات ضمن حدود معينة، وكذلك بتخفيف الإنارة في الشوارع والإنارة الخارجية للمباني وغيرها من الإجراءات في مختلف دول الاتحاد الأوروبي.
ما الخطر الذي تواجهه روسيا نتيجة لقطع الغاز عن أوروبا؟
بالرغم من إن قطع روسيا للغاز عن أوروبا يعد بمثابة أداة ضغط قوية على الأوروبيين إلا أن هذا الإجراء قد يشكل خطر على سلامة حقول الغاز الروسي حيث إن ايقاف استخراج الغاز من حقل مُستثمر يهدد سلامة هيكل الخزان الرئيس للحقل ويقلل من إمكانية عودة الإنتاج إلى نفس المستويات السابقة، وكذلك على المعدات المستخدمة في نظام استخراج الغاز ونقله من ضواغط وصمامات وعدادات تصبح أكثر عرضة للتلف في حال تشغيل الخط بسعة منخفضة.
يبدو أن الحرب الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا قد دخلت مرحلة عض الأصابع فالرئيس الروسي بوتين يراهن على إن الأوروبيين سيجبرون على الجلوس على طاولة المفاوضات وسيتوقفون عن دعم أوكرانيا، والأوروبيين لن يتركوا فرصة تمكنهم من أن يستغنوا عن الغاز الروسي خلال هذا الشتاء، فبرأيك عزيزي القارئ من سيستسلم أولاً؟
شكرًا لقراءتكم هذا الخبر على نيو نيوز حول العالم… وندعوكم لمشاركته مع أصدقائكم ومشاركتنا آرائكم في التعليقات!
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية