في مشهد كوميدي لا نراه عادة إلا في الأفلام والمسلسلات.. دخل إيلون ماسك إلى مقر الإدارة الرئيسي لشركة تويتر حاملا “مغسلة للأيدي” بأسلوب أمريكي ساخر يحمل بين طياته رسالة إلى أعداءه ومنافسيه تقول: ها أنا هنا، خذ قليلا من الوقت إلى أن تستوعب الصدمة!
استحوذ الملياردير الأمريكي ومؤسس شركتي تسلا وسبيس إكس، إيلون ماسك، على شركة تويتر للتواصل الاجتماعي مقابل 44 مليار دولار بعد أشهر من السجال حول الصفقة التي دخلت أروقة المحاكم وكادت أن تقلب الطاولة على ماسك الذي تراجع عن عرض الشراء بصورة مفاجأة.
شاهد فيديو لحظة دخول إيلون ماسك إلى تويتر لأول مرة
خوارزمية تويتر والحسابات المزيفة
إن عدت بكم في الزمن قليلا إلى الوراء للنظر في أسباب عدول ماسك عن الصفقة.. لوجدناه مصيبا في قراره نظرا إلى تيقنه بوجود خلل في تقارير تويتر التي لم تصرح بوجود أعداد مهولة من الحسابات المزيفة، والتي بحسب التحاليل التي أجريت من قبل الخبراء على نحو 239 مليون حساب مستخدم فاعل على تويتر توصلت إلى وجود نحو 25% (59 مليون) حساب مزيف أو يزيد.
صرحت تقارير تويتر الرسمية أن نحو 5% فقط من حساباتها مزيفة بيد أنّ الواقع غير ذلك تماما.
وكمستخدم متمرس مثل ماسك تتابعه الملايين من الحسابات فقد أثارت لديه تلك التقارير الشك والريبة حول صحتها، ما حدى به إلى إلغاء عرض الشراء.
وحتى اللحظة لم يبين ماسك تفاصيل مهمة التخلص من الحسابات المزيفة التي تحركها الروبوتات البرمجية “البوتس“، ولا عن تفاصيل مخططاته حول تطوير خوارزمية المنصة التي تتحكم بالمحتوى الذي يظهر للمستخدمين، ولا عن كيفية جعل تويتر منبرا لحرية الكلمة دون تعزيز لغة الكراهية بين الناس.. ولكن يبدو أنه جاد حول تلك المسائل الخطيرة.
إطلاق سراح العصفور الغاضب
فور إتمام صفقة الاستحواذ، قام ماسك بتغيير مسماه الوظيفي على حسابه في تويتر إلى “Chief Twit” أي “رئيس تويتر” هذا إن اختصرنا وترجمنا ببراءة كلمة “Twitter”.. إلا أنني أجد في كلمة “Twit” رسالة ضمنية تعني “رئيس تويتر المغتاظ / الغاضب”.
وترجم المسمى الجديد أفعال ماسك من خلال إطاحته بالرئيس التنفيذي لتويتر “باراغ أغراوال” وبرئيسة إدارة الشؤون القانونية والسياسات والثقة “فيجايا جادي” الذان أقرا فرض الحظر على حساب الرئيس الأمريكي السابق، أحد أصدقاء ماسك المقربين، “دونالد ترامب” وغيره من المشاهير.
تحديث (5 نوفمبر 2022): قام إيلون بإقالة نحو 3,700 موظف في تويتر بهدف ترشيد النفقات وتخفيض الخسائر التي تقدر بنحو 4 ملايين دولار يوميا، على حد تصريح ماسك.
وأعقب ماسك تغيير مسماه الوظيفي بتغريدة قال فيها “أطلق سراح العصفور“، في إشارة منه على إتمام الصفقة.. ولكنني على يقين أن تلك التغريدة تحمل بين جناحيها معنى آخر: “حرية التعبير سقفها السماء“.
وصرح ماسك في تغريدة أخرى عبر حسابه الذي يتابعه أكثر من 111 مليون شخص، قال فيها:
“لم أشتر تويتر كي أجني المزيد من المال.. ولكن لأساعد البشرية التي أحبها“.
حدث العاقل بما يعقل
صدقا، لم اقتنع بالجزء الأول من تصريح ماسك حول عدم سعيه لكسب المال من تويتر! فمن يغامر باستثمار كل تلك المليارات من الدولارات بالتأكيد لن يتأخر قيد أنملة عن البحث في كل سبل تنمية أمواله، خاصة من قبل رجل أعمال فذ مثل ماسك.
وبحسب تقديرات الخبراء، من المحتمل أن يقوم إيلون ماسك بفرض أجور اشتراك شهرية على الحسابات الموثقة فضلا عن توفير آلية لصناع المحتوى من مشاهير المنصة لكسب المال نظير مساهمتهم في إشهارها واستقطاب المزيد من المستخدمين إليها، بدلا من الاعتماد على أرباح بيع الإعلانات وحسب.
ميزات حسابات تويتر الموثقة بالعلامة الزرقاء
تحديث (5 نوفمبر 2022): قام ماسك بالإعلان عن قراره في فرض رسوم اشتراك قدرها 7.99$ مقابل المحافظة على علامة التوثيق الزرقاء أو الحصول عليها، وسوف يتمتع المشتركون على بعض الميزات، مثل:
- القدرة على تعديل نص التغريدة المرسلة
- الأولوية في ظهور التغريدات ووصولها إلى أعداد كبيرة من مستخدمي المنصة
- ظهور أقل للإعلانات أثناء التصفح
- تحميل فيديو بمدة أطول
- الحصول على الأولوية في الدعم الفني
ذلك بالإضافة إلى بعض الميزات الأخرى.
تويتر وحرية التعبير
استوقفتني حقيقة جملة “حرية التعبير”، لأعود بذاكرتي قبل عام وبضعة أشهر عندما قامت إدارة تويتر السابقة بحظر حسابات لمشاهير عدة كان أبرزها حساب الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، “دونالد ترامب“، الذي يتابعه نحو 90 مليون شخص من حول العالم، حيث كان سبب إيقاف حسابه هو “خطاب التحريض على العنف” الذي يتعارض مع سياسة تويتر، بحسب تصريح إدارة تويتر آن ذاك.
وعلى عتبات الانتخابات الأمريكية الجديدة، يبدو أن توقيت الشراء قد يتيح المجال لكسر الأغلال القابضة بإحكام على حساب ترمب على تويتر وفتح السماء لعصافيره للتغريد من جديد.
ويجدر بالذكر أن ترامب عقب حظر حسابه على تويتر قام بتأسيس تطبيقه الخاص “تروث” أي “الحقيقة” بهدف توفير منصة للتعبير من خلالها عن آراءه الشخصية وفتح المجال للآخرين للحوار دون قيود صارمة.
وحول هذا الأمر، قال ترامب في تصريح لقناة “فوكس نيوز” الأمريكية:
“أنا أحب إيلون، لكني ما زلت على منصة تروث“.
وفي سياق الموضوع، قام ماسك بالتصريح حول تشكيله للجنة خاصة لإدارة المحتوى وتحديث شروطه ومراجعة سياسات تويتر لتكون أكثر طواعية وسلاسة.
وباعتقادي، لن يتأخر قرار فك الحظر عن حساب ترامب وغيره من المشاهير فور الانتهاء من تحديث الإجراءات والسياسات، ولن يلوذ ترام بالصمت لحظة عودته إلى أحضان منصة تويتر منتصرا وسوف يقوم باستغلال إمكانيات المنصة للترويج لبرنامجه الانتخابي القادم.
إيقاف إعلانات وكالات السيارات
تحديث (5 نوفمبر 2022): نظرا لأن ماسك هو مالك شركة “تسلا موتورز“، المنافس الأول في عالم السيارات الكهربائية، قامت العديد من شركات السيارات أبرزها “فورد” و”جنرال موتورز” و”أودي” و”مازدا” و”بورشه” و”فولكس فاجن” بإيقاف إعلاناتها التجارية المدفوعة بشكل مؤقت على منصة إعلانات تويتر.
“أرى أن تلك الخطوة حكيمة كي يتسنى لهم إجراء تحليل للوضع ودراسة المخاطر المترتبة على وجودهم على تويتر، لأن ماسك بات باستطاعته دراسة استراتيجية تسويق سيارات منافسيه عن قرب وقدرته على الوصول لبيانات متابعيهم وزبائنهم وبالتالي سهولة استهدافهم في حملات تسويق مركبات تسلا إليهم وحثهم على شرائها”.
وختاما أقول، إن طموحات ماسك تفوق كل ما هو متوقع، ولطالما تحدث ماسك عن تطبيق “وي تشات” الصيني الخارق الذي يتميز بتوفير كل احتياجات المستخدم الحياتية من تواصل وبيع وشراء وتسلية وتقديم طلبات حكومية وغيرها الكثير من الخدمات التي تحتاج مني إفراد مقال خاص حول هذا التطبيق الثوري، ولذلك فإن ماسك لن يتهاون في أمر تطوير تويتر والتحليق به إلى عنان السماء.
وللقصة بقية..
شكرًا لقراءتك هذا المقال على نيو نيوز كلمات.. وأدعوك لمشاركته مع أصدقائك وسماع رأيك في التعليقات أدناه. اشترك مجانا في نشرة آخر الأخبار وكن أول من تصله آخر الأخبار العربية والعالمية!
المصدر: نيو نيوز
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية
تعليقات 1