يتوقع الخبراء أن تكون الضربة الكبرى التي وجهتها وزارة العدل الأمريكية إلى جوجل من خلال انتصارها عليها في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “احتكار محركات البحث” بمثابة دفعة كبرى تسهم في دعم الابتكار بين الشركات التكنولوجية الرائدة عالميًا بوجه عام.
نيو نيوز - بزنس
يبدو أن الصيف الحالي ليس هو الأفضل بالنسبة لشركة جوجل، فقد تعرض عملاق التكنولوجيا لعدد من الضربات التي أثرت فيه بصورة ملحوظة مؤخرًا. وذلك بعد انخفاض أسهم ألفابت – الشركة القابضة لجوجل – خلال الربع الثاني على نحو مخيب للآمال بالنسبة للمستثمرين.
بالإضافة إلى كشف الصفقة السرية بين جوجل وميتا، المالكة لفيسبوك، لاستهداف المراهقين بوساطة الإعلانات الموجهة، مما فيه تجاوزا لسياسات الشركة في التعامل مع المراهقين من خلال الإنترنت.
ولكن على الأرجح، فإن الطامة الكبرى بالنسبة للشركة التكنولوجية الرائدة جاءت متمثلة في انتصار وزارة العدل الأمريكية على جوجل في القضية المعروفة إعلاميًا بـ “احتكار محركات البحث”، وذلك بعد أن أصدر القاضي الفيدرالي، أميت ميهتا، حكمه الذي يؤكد أن عملاق التكنولوجيا انتهك قانون مكافحة الاحتكار بالفعل.
هل ستؤثر هزيمة جوجل في قضية احتكار محركات البحث على صفقتها الكبرى مع أبل؟
صدر الحكم في القضية بوصف جوجل بأنها “شركة تمارس الاحتكار” نتيجة للصفقات والشراكات التي أبرمتها مع شركات الاتصالات اللاسلكية ومطوري الويب، بما في ذلك الشراكة الاستراتيجية مع شركة أبل. وقد دفعت جوجل مبلغ 20 مليار دولار لشركة أبل في عام 2022 ضمن اتفاقية تهدف لجعل محرك البحث جوجل هو المحرك الافتراضي في متصفح سفاري التابع لأبل.
ويعتقد الخبراء أن قرار المحكمة قد يكلف كل من جوجل وأبل الكثير، فربما يجبر عملاق البحث على إلغاء اتفاقية تقاسم الإيرادات طويلة الأجل مع شركة أبل، حيث شكلت تلك الصفقة ما يقرب من 25% من إيرادات خدمات أبل لهذا العام.
كما أنه وفقاً لوثائق المحكمة، فقد أجرت جوجل نمذجة داخلية في عام 2020 حيث قدرت حجم خسارتها المتوقعة في حال تم التخلي عن محرك البحث الخاص بها كخيار افتراضي أمام المستخدمين، بواقع من 60 إلى 80 في المائة من حجم البحث على أجهزة iOS من أبل.
هيمنة أبل على صناعة البحث قد تحد من توسع الشركات الأخرى
وتسلط القضية الضوء على الممارسات غير السليمة في مجال صناعة البحث. فبالرغم من تأكيد جوجل على أن خدمات البحث الخاصة بها مجانية، ورائدة في السوق من حيث الجودة، ومن ثم فإن هيمنتها على القطاع ليست ضارة بالعملاء، إلا أن القضية ركزت على أن القوة الاحتكارية للشركات التكنولوجية الكبرى قد تؤدي إلى إلحاق الضرر بالمستهلكين.
وبحسب التقرير الذي نشرته فاينانشال تايمز، فقد ساعدت صفقات جوجل التي تبلغ قيمتها مليار دولار في ترسيخ مكانتها كأفضل محرك بحث، الأمر الذي يؤدي إلى تعاظم هيمنتها في الأسواق، ويحد من الاختيارات أمام المستهلكين، فضلًا عن أثر ذلك على تحجيم مساحات الإبداع ومنع الشركات الأخرى من ممارسة حقها في الظهور عالميًا.
وحاليًا، تسيطر جوجل على نحو 90 في المائة من سوق البحث، ويؤدي هذا التدفق المتزايد على محرك البحث الخاص بها إلى دعم نموذج أعمالها القائم على الإعلانات، حيث يدفع تدفق البيانات الشركة نحو تحسين خدماتها بصفة مستمرة.
ويعتقد الخبراء أن الحكم الفاصل والسريع في تلك القضية قد يشكل دفعة للقضاة الآخرين الذين لا تزال لديهم قضايا شبيهة معلقة في مجال صناعة التكنولوجيا، فمن المعتاد أن تستغرق قضايا مكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا الكبرى سنوات، وتكون محاطة بالتعقيد.
ولعل هذا ما يجعل هذه القضية أكثر أهمية من حيث إثبات سلطة القضاء في ردع الشركات عن عقد صفقات حصرية. وربما قد يؤدي أيضًا إلى قيام الشركات التكنولوجية الأخرى التي تضررت من هيمنة جوجل برفع دعاوى مدنية خاصة ضد عملاق البحث.
اقرأ أيضا: استراتيجيات التسويق الذكي لضمان نمو مبيعات أعمالك في 2024
إجراءات تصحيحية متوقعة
من المرجح أن تطلب جوجل تقديم استئناف للحكم، لكن الوزارة العدل قد تتطلب بعض التدابير التصحيحية، والتي قد تشمل فصل محرك البحث عن نظام التشغيل أندرويد والمتصفح كروم، أو مشاركة بيانات البحث مع الشركات الأخرى.
ويظن بعض المحللين أن تلك الإجراءات تبدو رجعية بعض الشيء، بل وغير قابلة للتطبيق غالبًا، حيث يرجحون أن يكون الخيار الأفضل هو الحد من قدرة جوجل على إبرام صفقات حصرية، مما يخفض من حدة هيمنتها على صناعة البحث.
تطلعات بأن يكون الحكم القضائي دفعة لتحقيق الابتكار
ويأمل الخبراء في أن تكون هزيمة جوجل بمثابة دفعة للشركات التكنولوجية الكبرى مثل أبل من أجل تطوير خدمات البحث الخاصة بها، وتحقيق انفرادات جديدة تسهم في زيادة أرباحها، الأمر الذي يعد بمثابة نوع جديد من التحوط ضد أخطار تراجع سوق مبيعات الآيفون.
كما يعتقدون أن هيمنة جوجل التي استمرت لسنوات قد أدت إلى انحسار التنافسية، حيث كان من الأحرى بها الاستمرار على مضمار السباق، والذي يؤتي ثماره عادة في صورة مزيد من الابتكار والحلول التكنولوجية المتقدمة.
وفوق كل ذلك فإن التنامي الملحوظ لشعبية محركات البحث Perplexity وSearchGPT المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد أدى إلى تراجع العملاق الأكبر بعض الشيء، ومن ثم يأمل الخبراء في أن تكون تلك العاصفة التي حلت بجوجل بمثابة دفعة جديدة لتعزيز الابتكار في مجال صناعة التكنولوجيا في العالم بوجه عام.
المصدر: فاينانشال تايمز
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية