انخفضت قيمة أبل السوقية بنحو 1 تريليون دولار، ورغم ارتفاع أسهمها، إلا أن الخسارة الهائلة في القيمة تعكس الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها شركات التكنولوجيا حول العالم.
انخفضت أسهم (ناسداك) بنحو الثلث في عام 2022، بينما انخفضت أسهم (S&P 500) بنسبة 19٪ خلال تلك الفترة. وفي الوقت نفسه، انخفض أداء أبل بين هذين المؤشرين بنسبة 27٪ على مدار العام.
وقال محللون لشبكة (إيه بي سي نيوز) إن تراجع القيمة السوقية لأسهم شركة أبل يسلط الضوء على الاتجاهات التي دفعت الاقتصاد الأمريكي إلى حالة من عدم اليقين في عام 2022، ما يجعله في وضع غير مستقر مع بدء العام الجديد.
وتشمل الظروف التي ضغطت على شركة أبل والاقتصاد الأوسع تحولًا عن الاستهلاك خلال حقبة الوباء، والتي قلبت حظوظ الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء. فقد تسببت تلك الفترة في ارتفاع شبه تاريخي في التضخم. وبدوره، أثار هذا التضخم استجابة عدوانية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي وتسبب في تعطل سلسلة التوريد التي خُففت لكنها استمرت مع الحجر بسبب فيروس كورونا في الصين.
وقال (أنجيلو زينو)، كبير محللي الصناعة في (سي إف آر إيه ريسيرش)، لـ (إيه بي سي نيوز):
“نحن نتحدث عن 1 تريليون دولار تم محوها من الاقتصاد في سهم واحد – إنه رقم كبير، وبكل تأكيد، لن يمكننا تجاهله”.
ولكن أبل لم ترد على الفور على طلب للتعليق.
لماذا خسرت أبل ما يقرب من 1 تريليون دولار في عام 2022، وما علاقة ذلك بحالة الاقتصاد الأمريكي.
أذواق المستهلكين تغيرت مع تضاؤل مخاوف الوباء
ومثلها كمثل العديد من شركات التكنولوجيا، عانت شركة آبل من تحول كبير للمستهلكين في فترة الوباء، حيث ركز المستهلكين على شراء السلع الأساسية عوضًا عن الأجهزة الإلكترونية.
ولكن في ذروة الوباء، استبدل مئات الملايين في جميع أنحاء العالم نفقات المطاعم بالأرائك ودراجات التمرين والمنتجات التقنية. فعلى سبيل المثال، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، زادت أرباح شركة أبل بأكثر من الضعف مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وقال (مارك زاندي)، كبير الاقتصاديين في وكالة (موديز أناليتيكس)، لـ (إيه بي سي نيوز):
“كان الناس يشترون أجهزة الكمبيوتر في المنزل، ويلعبون بالأدوات والإلكترونيات – وهي كلها أشياء تبيعها أبل, ومع تضاؤل المخاوف من الوباء، أعطى المستهلكون الأولوية للإنفاق على التجارب التي فاتتهم أثناء احتجازهم في المنازل.. ففي خريف هذا العام، انخفض الطلب على أجهزة الكمبيوتر الشخصية بنسبة ما يقرب من 20٪ مقارنة بالعام السابق”.
وقال (زاندي) إن هذا التغيير قد عاقب شركة أبل والعديد من شركات التكنولوجيا في عقر دارهم.
ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة بالتابعية
واجهت أبل أيضًا تحديات متجذرة في ارتفاع الأسعار واستجابة سياسة الاحتياطي الفيدرالي، والتي أبطأت بعض مجالات الاقتصاد وضربت سوق الأسهم.
وفي ذروته، وصل التضخم إلى 9.1٪ في يونيو، وهو مستوى شوهد آخر مرة منذ أكثر من أربعة عقود. ولاستعادة التكاليف المتزايدة، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة.
وتؤدي الزيادة في سعر الفائدة إلى رفع تكاليف الاقتراض للمستهلكين والشركات، والتي، من الناحية النظرية، يجب أن تخفض التضخم عن طريق إبطاء الاقتصاد وتآكل الطلب. وهذا يعني أن المقترضين، سواء كانوا شركات أو أفراد، يواجهون صعوبة في الحصول على القروض، ما يُعتبر شريان الحياة للنشاط الاقتصادي.
ولأن رفع أسعار الفائدة يؤثر عادة على الاقتصاد وأرباح الشركات، فأصبح المستثمرون يهربون.
وقال (زاندي) إن هذا الألم حاد بشكل خاص بالنسبة لأسهم التكنولوجيا مثل أبل، وهذا لأن المستثمرين يختارونها في المقام الأول لنمو أرباح قوي، والذي يبدو غير مرجح بشكل متزايد مع ارتفاع أسعار الفائدة.
وقال “المستثمرون يشترون أسهمهم بسبب نمو الأرباح المتوقع لفترة طويلة في المستقبل، ولكنهم يخسرون بشكل مفاجئ”.
“لا شك أن ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف الاقتراض من ضمن الأسباب التي قد تؤثر أيضًا على المستهلكين، فهي تضيع مدخراتهم وتبعدهم عن الإنفاق على بنود مثل الأجهزة الإلكترونية”.
رغم ذلك، أثبت الإنفاق الاستهلاكي مرونة خلال معظم العام. ويرجع ذلك جزئيًا إلى المدخرات من فترة الوباء، ولكن يبدو أن المال المدخر ينضب في الاشهر الأخيرة. فقد انخفض معدل المدخرات الشخصية إلى 2.3٪ في أكتوبر، وهو أدنى معدل منذ ما يقرب من عقدين، وفقًا لبيانات وزارة التجارة.
وقال (زاندي):” إن حالة المستهلك مهمة للغاية بالنسبة لشركة مثل أبل “، مضيفًا أن الشركة يمكن أن تصمد أمام انخفاض محتمل في الإنفاق الاستهلاكي لأن العديد من المستهلكين يعاملون المنتجات مثل الآيفون على أنها “ضروريات”.
اختناقات سلسلة التوريد
مثل مجموعة من الشركات، كافحت شركة آبل مع اضطرابات سلسلة التوريد التي فرضتها الجائحة والتي أعاقت الإنتاج وتسببت في تأخير التسليم.
وفي حين أننا قد تخطينا الفترة الاسوأ، لا تزال العوائق قائمة، وعلى الأخص في الصين.
“أدت سياسة (صفر كوفيد) التي تنتهجها شركات التصنيع في الصين إلى عمليات إغلاق متقطعة، ما أجبر المصانع على الإغلاق ووقف الإنتاج. ولدى أبل مصانع ضخمة في الصين”.
وفي أكبر مصنع آيفون في الصين، في مدينة (تشنغتشو) بوسط الصين، اختفى العمال بسبب مخاوف من أن المديرين التنفيذيين سيفرضون الحجر الصحي الإلزامي بسبب تفشي الوباء بينهم.
وبشكل عام، أدت سياسة الحد من انتشار فيروس كورونا في الصين إلى نقص كبير في أجهزة الآيفون مع اقتراب العطلات. وقد وصل النقص إلى 35 ٪ من مخزون العطلات النموذجي في بعض المتاجر، ما تسبب في تجاوز الطلب الكلي على آيفون بنسبة 3 إلى 1.
هذا وقد قال المحللون إن الصين خففت من سياستها في الأسابيع الأخيرة، ما يوفر بصيصًا من الأمل للشركات التي لديها مراكز إمداد رئيسية في البلاد، مثل أبل.
وقال (زاندي) إنه في حين يتوقع الكثيرون موجة من الإصابات بفيروس كورونا مع إعادة فتح البلاد في الصين، فإن الإنتاج الصناعي قد يعود إلى طبيعته في ربيع أو صيف عام 2023.
شكرًا لقراءتك هذا الخبر على نيو نيوز بزنس.. وندعوك لمشاركته مع أصدقائك وسماع رأيك في التعليقات أدناه. اشترك مجانا في نشرة آخر الأخبار وكن أول من تصله آخر الأخبار العربية والعالمية!
المصدر: إيه بي سي
اشترك في نشرة نيو نيوز الإخبارية
كن أول يصله آخر الأخبار العربية والعالمية